أحكام القرآن لابن العربي » سورة يونس فيها من الآيات ست » الآية الثالثة قوله تعالى فذلكم الله ربكم الحق
وَأَمَّا الْغِنَاءُ فَإِنَّهُ مِنْ اللَّهْوِ الْمُهَيِّجِ لِلْقُلُوبِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ ، مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِهِ . [ ص: 11 ]
أَمَّا إنَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ [ دَلِيلًا عَلَى ] إبَاحَتِهِ ، وَهُوَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ { أَنَّ أَبَا بَكْرٍ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ حَادِيَتَانِ مِنْ حَادِيَاتِ الْأَنْصَارِ ، تُغَنِّيَانِ بِمَا تَقَاوَلَتْ الْأَنْصَارُ بِهِ يَوْمَ بُعَاثٍ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَمِزْمَارُ الشَّيْطَانِ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَإِنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ } فَلَوْ كَانَ الْغِنَاءُ حَرَامًا مَا كَانَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ .
وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ بِظَاهِرِ الْحَالِ ، فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِ الرُّخْصَةِ وَالرِّفْقِ بِالْخَلِيقَةِ فِي إجْمَامِ الْقُلُوبِ ; إذْ لَيْسَ جَمِيعُهَا يَحْمِلُ الْجِدَّ دَائِمًا .
وَتَعْلِيلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ يَدُلُّ عَلَى كَرَاهِيَةِ دَوَامِهِ ، وَرُخْصَتِهِ فِي الْأَسْبَابِ كَالْعِيدِ ، وَالْعُرْسِ ، وَقُدُومِ الْغَائِبِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي تُؤَلِّفُ بَيْنَ الْمُفْتَرِقِينَ وَالْمُفْتَرِقَاتِ عَادَةً . وَكُلُّ حَدِيثٍ يُرْوَى فِي التَّحْرِيمِ أَوْ آيَةٍ تُتْلَى فِيهِ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ سَنَدًا ، بَاطِلٌ مُعْتَقَدًا ، خَبَرًا وَتَأْوِيلًا ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي الْغِنَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ ، وَفِي الْبُكَاءِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ نَوْحٍ مِنْ حَدِيثِ ثَابِتِ ابْنِ وَدِيعَةَ .
No comments:
Post a Comment